“يكفي محمّدًا فخرًا أنّه خلّص أمّةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذّميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدّم، وأنّ شريعةَ محمّدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة”.. هذا الّذي يقوله أديب روسيا الأكبر تولستوي، حقيقة يشهد بها كلّ منصف من غير المسلمين، ولكن للأسف يجهلها أو يتجاهلها بعض المسلمين؟!.
نعم، عجيب لأمّة رسولها وقائدها وقدوتها محمّد صلّى الله عليه وسلّم أن تضلّ في دين، أو أن تذلّ في دنيا، أو أن تخضع لاستعمار، أو أن تخنع لاستبداد، أو أن ترضى بتخلّف، أو أن تستمرئ الضّعف وتقبع في ذيل الأمم؟!، ولكن حال الأمّة ما نعرف ولا يخفى على أحد. وهي حال عجيبة لأمّة تملك كلّ مقوّمات النّهوض ولا تنهض! وطريق المجد مرسوم أمامها واضح المعالم بيّن المسالك ولا تسير فيه!. بل تتخبّط بين طرق مقطوعة وسبل خادعة!. مستبدلةً الّذي هو أدنى بالّذي هو خير!، فصارت كالغراب الّذي أراد أن يمشي مشي الحمام فما مشاه واختلطت عليه مشيته!
إنّ كثيرًا من المسلمين غرقوا في حضيض الواقع الّذي نعيشه ففقدوا النّظرة المتّزنة للحياة، فراحوا يقارنون بين الإسلام والغرب مقارنة عرجاء نتيجتها عوجاء، وهذا ما نبّه عليه مالك بن نبي رحمه الله في قوله: “فكرةٌ أصيلة لا يعني ذلك فعاليتها الدّائمة. وفكرةٌ فعَّالة ليست بالضّرورة صحيحةً. والخلط بين هذين الوجهين يؤدّي إلى أحكام خاطئة، وتلحق أشدَّ الضّرر في تاريخ الأمم حينما يصبح هذا الخلط في أيدي المتخصّصين في الصّراع الفكري وسيلةً لاغتصاب الضّمائر. إنّ الأصالة ذاتية وعينية، وهي مستقلّة عن التّاريخ. والفكرة إذ تخرج إلى النّور فهي: إمّا صحيحة أو باطلة. وحينما تكون صحيحة فإنّها تحتفظ بأصالتها حتّى آخر الزّمان. لكنّها بالمقابل، يمكن أن تفقد فعاليتها وهي في طريقها حتّى ولو كانت صحيحة”. (مشكلة الأفكار، ص102)، وهذا بالضّبط ما حدث للفكرة الإسلامية، فصحّتها لا يجادل فيها إلاّ مكابر جاحد، ولكنّها فقد فعاليتها. أيّ فقد المسلمون فعالية التّأثّر والتحرّك بالإسلام.
ولقد كان رواد النّهضة دقيقين ومتوازنين في سؤالهم الّذي صاغه شكيب أرسلان عنوانًا لكتابه: لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟، وصرنا الآن لا نسأل إلاّ: لماذا تقدّم غيرهم؟، فأسقطنا الشّطر الأهمّ والأخطر!. هذا هو السّؤال الجوهري: لماذا تأخّر أتباع سيّد الأنبياء والمرسلين عليه السّلام؟، وهو القائل: “وَايْمُ اللهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ” رواه ابن ماجه.
حقًّا ما ترك خيرًا يقرّبنا إلى الله إلاّ أمرنا به، ولا شيء يبعدنا عن الله إلاّ نهانا عنه، ولا شيء يعزّنا في ديننا ودنيانا إلاّ بيّنّه، ولا شيء ينفعنا في ديننا ودنيانا إلاّ أوضحه، ولا شيء يضرّنا في ديننا ودنيانا إلاّ حذّرنا منه. وإذا لم ننتفع بذلك فعلينا مراجعة أمرنا وحالنا، والبحث عن الخلل لإصلاحه، والعلل لمعالجتها، والاعوجاج لتقويمه. وإلاّ فإنّه لعجيب حقًّا أن يدرك غير المسلمين عظمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم ويبصروا نوره الوضّاء في وقت يعمى فيه بعض المسلمين عن هذا النّور العظيم والضّياء العميم، يقول ألكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب: “إنّما النّبيّ محمّد شهاب أضاء العالم”. بل هو الشّمس وأكبر وأكثر من الشّمس نورًا وضياء ورفعة وعظمة!. وما يضرّ الشّمس أن ينكر نورها أعمى؟! أو أرمد العين مريضها؟! أو من أغلق عينيه عمدا؟! أو مَن استعاض عن نورها بالاستضاءة بنور عود الثقاب؟!.
وفي غَمَّة من لا ترى الشّمسَ عينُه وما نفعُ نورِ الشّمس في الأعين الرُّمْدِ
*إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
إنّ كثيرًا من المسلمين غرقوا في حضيض الواقع الّذي نعيشه ففقدوا النّظرة المتّزنة للحياة، فراحوا يقارنون بين الإسلام والغرب مقارنة عرجاء نتيجتها عوجاء، وهذا ما نبّه عليه مالك بن نبي رحمه الله في قوله: “فكرةٌ أصيلة لا يعني ذلك فعاليتها الدّائمة. وفكرةٌ فعَّالة ليست بالضّرورة صحيحةً. والخلط بين هذين الوجهين يؤدّي إلى أحكام خاطئة، وتلحق أشدَّ الضّرر في تاريخ الأمم حينما يصبح هذا الخلط في أيدي المتخصّصين في الصّراع الفكري وسيلةً لاغتصاب الضّمائر. إنّ الأصالة ذاتية وعينية، وهي مستقلّة عن التّاريخ. والفكرة إذ تخرج إلى النّور فهي: إمّا صحيحة أو باطلة. وحينما تكون صحيحة فإنّها تحتفظ بأصالتها حتّى آخر الزّمان. لكنّها بالمقابل، يمكن أن تفقد فعاليتها وهي في طريقها حتّى ولو كانت صحيحة”. (مشكلة الأفكار، ص102)، وهذا بالضّبط ما حدث للفكرة الإسلامية، فصحّتها لا يجادل فيها إلاّ مكابر جاحد، ولكنّها فقد فعاليتها. أيّ فقد المسلمون فعالية التّأثّر والتحرّك بالإسلام.
ولقد كان رواد النّهضة دقيقين ومتوازنين في سؤالهم الّذي صاغه شكيب أرسلان عنوانًا لكتابه: لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟، وصرنا الآن لا نسأل إلاّ: لماذا تقدّم غيرهم؟، فأسقطنا الشّطر الأهمّ والأخطر!. هذا هو السّؤال الجوهري: لماذا تأخّر أتباع سيّد الأنبياء والمرسلين عليه السّلام؟، وهو القائل: “وَايْمُ اللهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ” رواه ابن ماجه.
حقًّا ما ترك خيرًا يقرّبنا إلى الله إلاّ أمرنا به، ولا شيء يبعدنا عن الله إلاّ نهانا عنه، ولا شيء يعزّنا في ديننا ودنيانا إلاّ بيّنّه، ولا شيء ينفعنا في ديننا ودنيانا إلاّ أوضحه، ولا شيء يضرّنا في ديننا ودنيانا إلاّ حذّرنا منه. وإذا لم ننتفع بذلك فعلينا مراجعة أمرنا وحالنا، والبحث عن الخلل لإصلاحه، والعلل لمعالجتها، والاعوجاج لتقويمه. وإلاّ فإنّه لعجيب حقًّا أن يدرك غير المسلمين عظمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم ويبصروا نوره الوضّاء في وقت يعمى فيه بعض المسلمين عن هذا النّور العظيم والضّياء العميم، يقول ألكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب: “إنّما النّبيّ محمّد شهاب أضاء العالم”. بل هو الشّمس وأكبر وأكثر من الشّمس نورًا وضياء ورفعة وعظمة!. وما يضرّ الشّمس أن ينكر نورها أعمى؟! أو أرمد العين مريضها؟! أو من أغلق عينيه عمدا؟! أو مَن استعاض عن نورها بالاستضاءة بنور عود الثقاب؟!.
وفي غَمَّة من لا ترى الشّمسَ عينُه وما نفعُ نورِ الشّمس في الأعين الرُّمْدِ
*إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
تعليقات بلوجر
تعليقات فيسبوك